“التقدّم والاشتراكية” ينتقد قانون المالية

قال المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إن “مشروع قانون مالية 2026 وإنْ كان يتضمن بِضْعَ إيجابياتٍ إلاَّ أنه، على العموم، جاء بالمُقاربات الحكومية المعتادة التي عجزت عن تحقيق الأثر الاجتماعي والاقتصادي والمجالي على مدى أربع سنوات، وأفضت إلى فشل الحكومة في تحقيق التزاماتها”.
وأكد المكتبُ السياسي ذاته، في بلاغ أصدره عقب اجتماعه الأسبوعي المنعقد الأربعاء، أن “تدابير مشروع الميزانية تتسم بكثيرٍ من الإعلانات، دون أن تعكسَ كما يجب عناوينَ التوجهاتِ العامة، ودون أن تستجيب للانتظارات ولمتطلبَّات الإصلاح”، وتوقف عند “البُعد الاقتصادي في مشروع القانون المالي”، موردا أن “هذا الأخير لا يحمل جديدًا يُذكَر من شأنه أن يكون له الأثر المنشود، لا من حيثُ تقوية الآلة الإنتاجية الوطنية، ولا على مستوى دعم المقاولة الوطنية وتحفيز الاستثمار المنتج للشغل وللقيمة المضافة المالية، ولا من حيثُ تحقيق السيادة الاقتصادية، ولا من حيثُ ضمانات مردوديةِ ونجاعةِ وعدالةِ التنفيذ الأمثل لميزانية الاستثمار العمومي، رغم ما عرفه هذا الأخير من رفعٍ في الاعتمادات”.
وأشار البلاغ إلى أن “المكتب السياسي توقف عند مؤشرات المالية العمومية، على ضوء مستلزمات استدامة توازنها، وخَلُص إلى أنَّ تحسُّن المداخيل الضريبية لا يمكنه أن يُخفيَ استمرار العبء الضريبي على الأجور والمقاولات الصغرى والمتوسطة، مع غياب إجراءاتٍ حقيقية لحذف الاستثناءات الضريبية غير المُجدية، ولإدماج الاقتصاد غير المهيكل، ولمحاربة اقتصاد الظل”.
ونبّه الحزبُ إلى “تعمُّق مخاطر المديونية، بما فيها مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية المحتاجة إلى تسريع إصلاحها في اتجاه ضمان حكامتها الديمقراطية”، وخلُصَ، كذلك، إلى “مخاطر وهشاشة الاعتماد على ‘التمويلات المبتكرة’ لتمويل نفقات دائمة ولتحسين الحسابات العامة بشكلٍ ظرفي وبصورةٍ تهدد المرفق العمومي”.
وفي ما يتعلق بالمسألة الاجتماعية سجَّل المكتبُ السياسي ذاته إيجاباً “الرفعَ من بعض الميزانيات القطاعية الأساسية”، وفي الوقتِ ذاته “استمرار العطب الكبير نفسه لهذه الحكومة، المتمثل في فشلها الذريع في مسألة التشغيل”، مردفا بأنَّ “الإعلانَ عن أغلفةٍ مالية ضخمة، على أهميته البالغة، لا يمكنه أنْ يَحجُبَ إبقاءَ الحكومة على كل مقارباتها السابقة، التي أدت في عهدها إلى تَعمُّق الفقر والهشاشة وتدهور القدرة الشرائية، وإلى الفشل البيِّن في تحقيق وعودها بإصلاح التعليم، وبالتعميم الفعلي للحماية الاجتماعية”.
أما في مسألة تدابير الإنصاف المجالي فإن حزب التقدم والاشتراكية أكد أن “مشروع القانون المالي جاءَ مُخَيِّباً للآمال، لا من حيث التوزيع الترابي للاستثمارات العمومية، ولا من حيثُ هزالة الاعتمادات المالية المخصصة لبرامج التنمية الترابية المندمجة، ولا من حيثُ العدد الضئيل للمراكز الصاعدة التي تعتزم الحكومة التدخل فيها برسم 2026، ولا أيضاً على مستوى تدابير النهوض الفعلي بالجهوية المتقدمة وباللامركزية واللاتمركز”.
ولفت التنظيم ذاته إلى “الغياب التام لإرادة تحسين الحكامة ولِبُعد دمقرطة الفعل السياسي في مشروع القانون المالي”، مؤكدا أن “هذا الأخير جاء مُفتَقِراً لأيِّ تدابير من شأنها مكافحةُ الفساد، بما يعني أن الحكومة، في آخر أنفاسها، مُصِرَّةٌ على الاستمرار في نهجها السابق والمعتاد، المتسِم بغياب الإرادة في تنقية مناخ الأعمال ومحاربة تضارب المصالح، وبخدمةِ مصالح فئاتٍ ولوبياتٍ أوليغارشية على حساب مصلحة عموم المغاربة”.
على هذه الأُسْس وغيرها أورد البلاغ أن “حزبَ التقدم والاشتراكية، الذي يُعارِضُ مشروع القانون المالي بصيغته الحالية، سوف يظل حريصاً على الترافع السياسي، وعلى تقديم التعديلات الضرورية من خلال فريقه النيابي، سعياً منه نحو إبراز بديله الديمقراطي التقدمي، المرتكِز على تغيير المقاربات لتحقيق تَحَوُّلٍ فعلي في السياسات العمومية”.
المنظومة الانتخابية
من جانبٍ آخر، وعلى ضوء عرضٍ في الموضوع، تداول المكتبُ السياسي، بشكلٍ أوَّلِي، في مستجدات مشاريع القوانين المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، وأكد أنَّ “انتخابات مجلس النواب، المقرر تنظيمها في 2026، يتعين أن تندرج في إطار توطيد مسار البناء الديمقراطي والمؤسساتي الوطني، تفعيلاً للدستور، مع ما يستلزمه ذلك من ضرورة توفُّرِ إرادة سياسية قوية وفعلية، لإعطاءِ نَفَسٍ ديمقراطي قوي للفضاء السياسي”.
كما شدد الحزب على ضرورة “إحداثِ الانفراج السياسي والحقوقي، من خلال خطواتٍ ملموسة، من قبيل التعامل بانفتاح وأريحية مع الحالات الأخيرة للمتابعة والاعتقال المرتبطة بالتظاهر السلمي والمسؤول، بما هو حقٌّ دستوري؛ واتخاذ مبادرةٍ لِطَيِّ كل الملفات المرتبطة باعتقالاتٍ تتصل بممارسة حرية التعبير”.
وفي هذا السياق أكد “حزب الكتاب” أنّه “إلى جانب الاشتغال على تطوير الجوانب التشريعية يتعين الحرصُ على المراقبة الحازمة لمدى سلامة الممارسات الانتخابية”، مشددا على ضرورة أن “تشكِّلَ انتخابات 2026 تحوُّلاً نوعياًّ، بما يُوفِّرُ شروط المشاركة الواسعة لعموم المواطنات والمواطنين، وخاصة الشباب، وبما يضمن تيسير انخراط الشباب في العمل الحزبي والسياسي والمؤسساتي، وبما يُعزِّزُ تمثيلية النساء في مجلس النواب؛ وبما يضمنُ التخليق والقطع مع الاعتماد على الفساد والاستعمال المكثف وغير المشروع للمال في الانتخابات، مع ما تؤدي إليه هذه الممارساتُ من تأثيرٍ على سلامة النتائج الانتخابية”.
وجاء ضمن البلاغ أن “حزب التقدم والاشتراكية أكد أنه سيتعامل مع مشاريع القوانين المتصلة بالانتخابات، المعروضة حاليا على البرلمان، انطلاقاً من المذكرة التي حَضَّرَها في هذا الشأن؛ وارتكازًا على إعدادِ تعديلاتٍ بخصوص قضايا أساسية، بما فيها تلك المرتبطة بضمان حرية التقدير السياسي العام إزاء سلامة المسلسل الانتخابي”.
أوضاع فلسطين وسودان
وفي الشأن الدولي، وخاصة ما يتعلق بتطورات الأوضاع بفلسطين، أدانَ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية “إقدام الكيان الصهيوني على خرق اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، بشكلٍ خطير يهدد صُمود هذا الاتفاق، وذلك من خلال شنِّ غاراتٍ عسكرية غادِرة على منازل وخيام نازحين، بما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى”.
وأكد الحزبُ ذاته أنَّ “تكرار خروقات الكيان الصهيوني للاتفاق برهانٌ على نيته السيئة، ودليلٌ على أنه يبحثُ عن أيِّ فرصةٍ أو ذريعةٍ للتملص من الالتزام بوقف حرب إبادته الجماعية في غزة”، منبها إلى أن “هذا السلوك يعكس، مرةً أخرى، استخفافاً واضحًا للكيان الصهيوني بالمجتمع الدولي الذي يتعين أن يتحمل مسؤوليته في حماية الاتفاق، وفي توفير الحماية اللازمة للمدنيين ولطواقم الإنقاذ والفرق الطبية، وفي ضمان الولوج السَّلِس للمساعدات إلى غزة، بشكلٍ كافٍ، وبما يضمن الشروط الدنيا للعيش بالنسبة إلى أهل غزة”.
وفي هذا السياق نَوَّهَ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بـ”الاتفاق الذي تمَّ مؤخراً بالقاهرة بين الفصائل الوطنية الفلسطينية، بشأن تدبير شؤون غزة مرحليا”، مشيرا إلى أنه يتطلع إلى “أن تكون هذه الخطوة مقدمةً من أجل توطيد وحدة الصف الفلسطيني، بشكلٍ قوي ومستدام، بما يعزز مبدأ تدبير الفلسطينيين شؤونهم بأنفسهم، بشكل حر ومستقل وديمقراطي”.
ومن جهة أخرى أعرب حزبُ التقدم والاشتراكية عن “تضامنه القوي مع الشعب السوداني الشقيق، الذي تعرفُ أجزاء منه محنةً إنسانيةً ومؤسساتية وسياسية وأمنية حقيقية، تتجلى بالأساس في المجازر المروِّعَة التي تُقتَرَفُ في حق المدنيين، وفي أزمة الغذاء الحادة، وفي النزوح الجماعي، وغيرها من المآسي الإنسانية الفادحة”.
وفي هذا الإطار نادى الحزبُ كافة القوى الوطنية الديمقراطية بالسودان إلى “وحدة الصف وتطوير المبادرات السياسية، استشرافاً للسلام ولبناء دولة مدنية ديمقراطية تَصُونُ حقوقَ الإنسان وتُحققُ العدالة والكرامة والاستقرار”؛ كما يُنادي المجتمع الدولي من أجل “الالتفات إلى الأوضاع بالسودان، والعمل، وفق قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، على صَونِ وحدته الوطنية وسيادته ومُقَدَّراته الوطنية”.
مبادرات وأنشطة الحزب
وفي ما يتعلق بتتبع إنجاز برنامج عمل الحزب نَوَّهَ المكتبُ السياسي ذاته بـ”النجاح الكبير، على جميع المستويات، الذي عرفته أشغال الجامعة الخريفية للشبيبة الاشتراكية، التي التأمت مؤخراً ببوزنيقة، تحت شعار ‘وعي يقود للنضال.. ونضال يصنع التغيير’، بمشاركةٍ وازنةٍ لطاقاتٍ شابة، جديدة في غالبيتها، من مختلف ربوع الوطن”.
ونَوَّهَ المكتبُ ذاته بـ”اللقاء القيِّم لخبراء الحزب الاقتصاديين، مع فريقه النيابي، حول مستجدات مشروع قانون المالية لسنة 2026؛ وكذا بالمساهمة الفعالة للمكتب السياسي والفرع الإقليمي للحزب بفكيك في الذكرى الثانية لحراك الماء؛ وأيضاً بالمائدة المستديرة التي نظمتها لجنة المساواة وحقوق النساء للحزب حول وضعية الفتاة بالمغرب”.
يشار إلى أن المكتب السياسي “تطرق إلى عددٍ من المبادرات والأنشطة المقررة خلال الفترة المقبلة، في إطار برنامج العمل، التي تعمل قيادةُ الحزبِ ومنظماتُهُ ومؤسساتُهُ وقطاعاتُهُ وفروعُهُ على التحضير لتنظيمها”.

تعليقات 0