3 ديسمبر 2025 11:21
الرئيسيةأخبارمنع ترشيح “المشبوهين” بالقانون.. تلبية مطالب حزبية أم إعلان فقدان ثقة؟

منع ترشيح “المشبوهين” بالقانون.. تلبية مطالب حزبية أم إعلان فقدان ثقة؟

جاءت التصريحات التي قدمها وزير الداخلية، خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية بمجلس النواب المنعقد يوم الخميس 20 نونبر الجاري، لتضع النقاط على الحروف وتؤكد مرة أخرى أن الدولة حريصة على حماية صورة المؤسسة التشريعية بالمملكة من كلّ “الشبهات” التي أصابتها وترفض وصول المشبوهين إلى القبة التشريعية.

بلغة لا تقبل التأويل، قال عبد الوافي لفتيت إن هدف وزارة الداخلية الأساسي هو منع وصول أشخاص تحوم حولهم شبهاتٌ إلى هذه المؤسسة، مؤكدا أن الاقتراحات الواردة ضمن مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 تسير في هذا الاتجاه؛ بل اعتبر المسؤول الحكومي عينه أن الاقتراحات المرتقبة في القانوني التنظيمي للانتخابات تمثل “أقصى ما يمكن القيام به من أجل الحدّ من الشبهات المسلّطة، اليوم، على هذه المؤسسة”، مؤكدا معرفة وزارته لعدد النواب المتابعين أمام القضاء سواء قبل حصولهم على العضوية أو بعدها.

وتابع وزير الداخلية شارحا أن التعديلات التي تخص إسقاط أهلية بعض المترشحين تبدو “قاسية؛ لكنها ليست كذلك البتّة”، مشددا على أن الوقار الذي يجب أن يتمتع به مجلس النواب يفرض هذا الأمر، لافتا إلى أن هذا التوجه يمثل سعيا نحو حماية مجلس النواب بقوة القانون.

اللجوء الحاسم لمنع المتورطين في قضايا الفساد ومن تمت إدانتهم قضائيا من خلال القانون من الترشح للبرلمان يمثل موقفا حاسما وحازما تجاه الأحزاب السياسية التي تزكي بروفايلات لا تتناسب مع البرلمان وأدواره الحيوية بالنسبة للبلاد وصورته الخارجية.

طارق أتلاتي، الأكاديمي والمحلل السياسي، قال إن القرار المهم، الذي سيتخذ بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة، له بعد يرتبط بالمرحلة المقبلة، مؤكدا أنه يؤسس لواقع جديد في المملكة المغربية.

وأبرز أتلاتي، ضمن تصريح لجريدة صفوة  الإلكترونية، أن المغرب لم يعد “محكوما بمنطق محلي وطني داخلي فقط؛ ولكن أيضا، محكوم بارتباطات ذات أبعاد سيادية للدولة وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية.

وشدد المحلل السياسي على أن هذه الإجراءات تأتي بعدما حققت المملكة المغربية والدبلوماسية الملكية، بالخصوص، “نجاحا كبيرا في تثبيت مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية لدى الأمم المتحدة، والذي على أساسه اليوم سيتم تفاوض من أجل تكريسه وترسيخه في أرض الواقع، بما يتطلب هذا المشروع من إحداث تغييرات حقيقية وواقعية”.

وأكد أتلاتي أنه “لا محيد عن الديمقراطية المحلية ولا محيد عن الديمقراطية في شكلها المؤسساتي التشريعي”.

وزاد المتحدث ذاته موضحا: “لم يعد مقبولا من طرف الأحزاب السياسية أن تؤثث المؤسسة التشريعية بمشاهد فلكلورية، ولم يعد مقبولا أن تؤثث المؤسسة التشريعية بأجسام فارغة”.

واستدرك الأستاذ الجامعي: “لا نعمم، هناك بعض الكفاءات التي تستحق منا التنويه في إطار بعض المواضيع؛ ولكن قلتها لا ترقى إلى ما تصبو إليه المملكة المغربية في هذه المرحلة بالخصوص”.

وتساءل أتلاتي عن حرمان الكوادر من “كوطتها للدخول للمؤسسة التشريعية، علما بأن الجميع يعلم بأن النخب الفكرية الحقيقية التي يمكنها أن تخلق معادلات جديدة داخل اللجان البرلمانية بالخصوص. وفيما يخص الأحداث الكبرى الخاصة بالمملكة المغربية، لا يمكن أن تديرها إلا كفاءات، ولا يمكن أن تبقى هذه الكفاءات خارج الإطار”.

كما أكد المحلل السياسي عينه حاجة المغرب إلى كل إمكانات الدولة و”بصفة خاصة مواردها البشرية؛ على أساس أن المؤسسة التشريعية هي التي تنتج لنا حكومة”، معتبرا أن برلمانا “قويا يعني حكومة قوية وبرلمانا ضعيفا يعني حكومة ضعيفة؛ ونحن نعاني منذ دستور 2011 إلى يومنا هذا مع حكومات مرقعة وهجينة”، وفق تعبيره.

من جهته، ذكر عبد الحفيظ أدمينو، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، بالرسالة الملكية الموجهة إلى البرلمان في الذكرى الـ60، والذي “أكد على مسألة التخليق، ولاحظنا أن مجلس النواب أساسا راجع النظام الداخلي وأدخل بندا خاصا بتخليق الحياة البرلمانية”، معتبرا أن “الواقع الحالي، اليوم، يبين أن عددا من البرلمانيين متابعون أمام المحاكم”.

وأضاف أدمينو مبينا، في تصريح لصفوة  ، أن هذا الواقع يؤكد ضرورة علة تدخل القانون لتنظيم الأمر ومنع ترشيح الأسماء المشبوهة، مشددا على أن هذا المطلب هو في الأصل “مطلب الأحزاب السياسية قبل ما يكون مطلبا لوزارة الداخلية”.

وزاد الأكاديمي ذاته مفسرا “مذكرات عدد من الأحزاب السياسية طالبت بأن يتم القطع مع المرشحين المفسدين”، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية استجابت، اليوم، فقط لرغبة الأحزاب السياسية ومطالبها.

وشدد أدمينو على أن “هذه المطالب من شأنها أن تطور الأداء الحزبي في المغرب”، مؤكدا أنه “لا يمكن النظر إلى هذا الموضوع بكونه “عقابا للأحزاب السياسية؛ بل العكس، وأظن أن القاعدة القانونية من شأنها أن تعدل عددا من السلوكيات المحرفة وغير سليمة”، معتبرا أن المملكة تعول على هذا القانون أن “يُساهم في تخليق الحياة السياسية والحزبية ببلادنا ويحد مع هذه الأسماء”.

واعتبر المتحدث ذاته أن توجه الأحزاب وترشيحها للأعيان “لا مستوى ولا قدرة لهم على التشريع وتقديم قوانين جيدة ليست مسؤولة عنها لوحدها فقط؛ بل مسؤولية الناخب الذي يتعامل مع المحطة الانتخابية بمنطق براغماتي”، وفق تعبيره.