حذّر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من ضُعف إقدام المغاربة على الادخار حيث ربط ذلك بالبطالة والأمية وعوامل أخرى ذات بُعد ثقافي.
وأشار الجواهري، في لقاء نُظم الأربعاء في الرباط بمناسبة اليوم العالمي للادخار، إلى أن نسبة الادخار في المغرب تبقى ضعيفة جداً، مورداً أن معطيات المندوبية السامية للتخطيط للفصل الثالث من السنة الحالية تقول إن 3.8 في المائة من الأسر المغربية صرحت بأنها تدخر نسبة من مداخيلها.
وأوضح والي بنك المغرب، في اللقاء الذي حضره مسؤولون عن بريد بنك وصندوق الإيداع والتدبير، أن الادخار المالي، أي الادخار لدى مؤسسة بنكية، يبقى أكثر فأكثر ضعيفاً لدى الأسر؛ وهو ما يجعل رهان توجيه الادخار إلى القطاع الرسمي أمراً مهماً من خلال فهم الأسباب الكامنة وراء ذلك.
وربط الجواهري وجود ادخار داخل أسرة بتوفر عمل بالضرورة، ويوضح قائلاً: “البحث الوطني حول التشغيل الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط يظهر أن نسبة النشاط في المغرب ضعيفة، ولا تتجاوز 47 في المائة؛ ما يعني أن أكثر من نصف الساكنة، 53 في المائة، في سن العمل توحد خارج سوق العمل”.
هذا يعني، حسب والي بنك المغرب، أن 35 في المائة فقط من الساكنة البالغة والمتوفرة على عمل مدفوع الأجر هي القادرة على الادخار، وهو ما يتماشى مع نتائج تقريرFindex الذي يصدره البنك الدولي وأفاد بأن 70 في المائة من المغاربة لا يتوفرون على حساب بنكي بسبب انخفاض مستوى الدخل.
وأضاف الجواهري قائلاً: “مستوى الأمية المرتفعة وعوامل أخرى ذات بعد ثقافي هي الأخرى تجعل الادخار ضعيفاً ولا يتم توجيهه نحو النظام المالي”، وأقر بأن مستوى المعرفة بالجوانب الميكرواقتصادية للادخار في المملكة لا تزال غير كافية.
ووصف والي البنك المركزي المغربي هذا الوضع بالمتناقض، حيث قال: “نرى اليوم أن نظامنا المالي متطور؛ لكن الطلب على الخدمات المالية يبقى ضعيفاً، لذلك يبقى أحد التحديات الكبيرة التي نواجهها هي إعادة المغاربة لاستخدام الخدمات المالية ووضع مدخراتهم في خدمة الاقتصاد”.
ومن أجل تحقيق ذلك، يشدد الجواهري على ضرورة اتباع نهج متعدد الأبعاد بداءً أولاً بتحسين النظام التعليمي، حيث قال إن الشخص المتعلم هو أكثر لجوءًا إلى الخدمات المالية مقارنة بالشخص الأمي، وهو ما سعى بنك المغرب إلى تطبيقه من خلال تأسيس الجمعية المغربية للثقافة المالية التي تخصص أنشطتها للشباب والمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة.
معطى آخر لا يقل أهمية من السابق حسب والي بنك المغرب يتمثل في تقوية ثقة الجمهور في الخدمات المالية التي تقدمها المؤسسات والبنوك وذلك عبر إطلاق عدد من الإجراءات من أجل تقوية حماية المستهلك على المستوى النظام البنكي في المملكة.
وكشف الجواهري، خلال هذا اللقاء، أن بنك المغرب يشتغل إلى جانب وزارة الاقتصاد والمالية من أجل الانتهاء من الإستراتيجية الوطنية للإدماج المالي والتي تضع نصب أعينها تأمين وصول الأفراد والمؤسسات إلى المنتجات والخدمات المالية بما يتناسب مع متطلباتهم ووسائلهم من أجل المساهمة في تنمية شاملة للبلاد.
جدير بالذكر أن هذا اللقاء عرف الإعلان عن إطلاق منتوج جديد للادخار باسم “توفير سكن” من لدن صندوق الإيداع والتدبير ومجموعة بريد المغرب، سيكون مُوجها إلى الفئات التي لا تتوفر على دخل قار لتتمكن في المستقبل من بناء أو امتلاك سكنهم.